أول مرة نائب يقول كلمتين لهم معنى، عليهم الطَلَى، النائب على عبدالونيس، وكيل أول لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان، يقول «هناك مخطط وليس مقترح لإنشاء وزارة لحقوق الإنسان»، وتدقيق اللفظ هنا مهم يقطع عبدالونيس بـ«مخطط» وليس «مقترح» يعنى فى سبيله للتنفيذ.
أثمن مسعى عبدالونيس وأغبطه عليه، وأدعوه مخلصاً يبين لنا ما هى إن الوزارات تشابهت علينا، وهل هو مخطط برلمانى، هل هو مخطط حكومى، وباسم من يتكلم عبدالونيس، ومن أين له بهذه الثقة فى الطرح العام؟
فى حدود معلوماتى المتواضعة، ولم يصل لعلمى أن هناك مخططاً لاستحداث وزارة لحقوق الإنسان، فقط مقترحات معتبرة قال بها نفر من الحادبين على صورة مصر فى هذا الملف الذى يشكل «بابا خلفيا» لهجمات المنظمات الحقوقية الدولية على الدولة المصرية.
قبل مقولة عبدالونيس التى احتفى بها موقع «اليوم السابع»، ومبكراً جداً وفى مقالات صحفية منشورة، طرحنا فكرة وزارة لحقوق الإنسان، وتكليف وزير مؤتمن على حمل الحقيبة من الحقوقيين الوطنيين المسيسين الثقات، يتولى الحوار الحقوقى محلياً وعالمياً، ويتفحص التقارير ويمحص الشكاوى والمقترحات بعقلية احترافية حقوقية قانونية، ويكون عين الدولة ولسانها الفصيح « يُحْسِنُ البيانَ ويميز جيِّد الكلام من رديئه» فى هذا الملف الذى تشعب وتشتت وتفاقم دون «نطاسى» وطنى حكيم يقوم على رعايته.
تكليف وزير لحقوق الإنسان صار ضرورة وطنية، أقله إشارة إيجابية عالمية بأن الدولة المصرية لا تخاصم حقوق الإنسان، وإذا حدث سيخلّف أثراً طيباً، وهذا لا يعيبنا فى شىء، ولا هو يرهن إرادتنا لشىء، بل تصرف حضارى يتسق مع رؤيتنا الوطنية الخالصة التوجه فى تحسين جودة الملف المصرى فى المجال الحقوقى.
للأسف ملف حقوق الإنسان مثل «كعب أخيل» الذى تنفذ منه السهام المسمومة إلى قلب الدولة المصرية، أقله «وزارة دولة لحقوق الإنسان» أجدى وأنفع من جهود الهيئات والمجالس فى التعبئة المضادة عبر إصدار البيانات والحملات الدفاعية، حروب المعلومات الاستخباراتية المغلفة فى تقارير حقوقية لا تعالجها البيانات الإعلامية.
ترك هذا الملف لاجتهادات المجتهدين دون تبصر كافٍ بالمعايير الحقوقية الدولية، ودون تحرك الدولة المصرية بثقلها على الأرض الزلقة يكلفنا كثيراً، المباراة الحقوقية الدولية تسير للأسف فى غير صالحنا، والرياح ليست فى شراعنا، لابد من تغيير الخطط الدفاعية العقيمة، وقراءة أوراق اللعبة جيداً، والانفتاح أولاً على المنظمات الوطنية المخلصة الواعية لدورها الوطنى، وهذا ليس ترفاً ولا تعطفاً بل واجب وطنى، لتتشكل جبهة دفاع حقوقية وطنية معتبرة تبصر العاملين فى هذا الملف على ما يستوجب وطنياً لتحسين جودة الملف الحقوقى المصرى.
يستوجب وزيرا متفرغا يستقبل الإشارات والتقارير والشكاوى والمقترحات، ويقف على رؤوس الموضوعات، ويوفر المعلومات على وقتها، ويتعاطى إيجابياً مع المقترحات، ويعمد إلى تقريب المسافات، ويتواصل مع الحقوقيين الوطنيين باحترافية، للأسف كثير من مؤسساتنا تجهل ما أصبحت عليه قوانين اللعبة الحقوقية، من أغلق الأبواب فى الداخل «مش فاهم»، التقارير ياسادة ترسل من الداخل تباعاً.. والإخوان يستحلون هذا الملف فى إشانة سمعة الدولة المصرية فى المناسبات العالمية، وأحيانا بدون مناسبة، ويصفون القتلة الإرهابيين كذباً وزوراً وبهتاناً بالمجاهدين، ويستميلون المنظمات بالمال والمعلومات الشائهة المشوهة المغلوطة، ولكن كما يقولون «كدب مساوى ولا صدق مبعزق» والمعنى كذب متناسق ولا صدق مبعثر!
يلزم تغيير العقلية التى تتعامل مع هذا الملف بعقلية احترافية حقوقية منفتحة على حقوق الإنسان فى تجليها عالمياً، هذا الملف هو الأخطر على الدولة المصرية، والمتربصون بها كثر، ولنكف عن الاتهامات سابقة التجهيز وبعضها صحيح، ولنستحدث وزارة دولة لحقوق الإنسان منفتحة للتعاطى مع العاملين على هذا الملف الخطير.